التربية فى الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
التربية فى الاسلام
بسم الله الرحمن الرحيم
أخذت التربية مكانة عظيمة فى الاسلام و ذلك لاهميتها فى اصلاح الكون باسره فان صلح الفرد صلحت الاسرة و من ثم صلح المجتمع .
يمكننا أن نقول إن التربية الإسلامية هي: عمليّة بناء الإنسان وتوجيهه، لتكوين شخصيّته، طبقاً لمنهج الإسلام الحنيف وأهدافه في الحياة.
فالتربية إذن تعني تنشئة الشخصيّة وتنميتها حتى تكتمل وتتّخذ صفتها الممّيزة لها.
أهميّة التربية الإسلاميّة:
من المسلّم به أن الإنسان يولد صفحة بيضاء، غير مطبوع عليه أيّ شيء من ملامح أيّ اتّجاه أوسلوك أوتشكيلة؛ إلاّ أنّه يحمل الاستعداد التامّ لتلقّي مختلف العلوم والمعارف، وتكوين الشخصيّة، والانخراط ضمن خطّ سلوكيّ معيّن.
لذا، فإن القرآن الكريم يخاطب الإنسان ويذكّره بهده الحقيقة الثابتة، وبنعمة الاستعداد والاكتساب والتعلّم، التي أودعها الله عزّوجلّ فيه؛ لكسب العلم والمعرفة، والاسترشاد بالهداية الإلهيّة.
قال عز ّوجلّ:
(( والله أخرجكم من بطون أمّهاتكم لاتعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلّكم تشكرون )) .
وأميرالمؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه يترجم هذا الخطاب الإلهيّ العلميّ السامي بقوله:
<< … وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء قبلته >>.
وقد شرح العلاّمة الحلّي رضوان الله تعالى عليه مراحل تكوّن المعرفة لدى الطفل، فقال:
( إعلم أنّ الله خلق النفس الإنسانيّة في بداية فطرتها، خالية من جميع العلوم بالضرورة، قابلة لها بالضرورة، وذلك مشاهد في حال الأطفال. ثمّ إنّ الله تعالى خلق للنفس آلات بها يحصل الإدراك، وهي القوى الحسّاسة، فيحسّ الطفل في أوّل ولادته لمس ما يدركه من الملموسات، ويميّز بواسطة الإدراك البصري على سبيل التدرّج بين أبوبه وغيرهما) .وبهذا الترتيب يتدرّج في التعرّف إلى الطعوم والمذاقات وباقي المحسوسات وإلى إدراك جميع ما يتعلّق بها، فهو يعرف ثدي أمّه، نظراً لعلاقته الحياتية به وحاجته إليه في التغذّي، فنراه يناغيه ويلاعبه ويداعبه أثناء رضاعته، ثمّ يتعرّف إلى أمّه قبل غيرها ممّن يحيطون به، وهكذا.
ثمّ إنّ هذا الطفل يزداد فطنة وذكاء، فينتقل من إحساسه بالأمور الجزئية إلى معرفة الأمور الكليّة، مثل التوافق والتباين والأنداد والأضداد؛ فيعقل الأمور الكليّة الضروريّة بواسطة إدراك المحسوسات الجزئيّة، ثمّ إذا استكمل الاستدلال، وتفطّن بمواضع الجدال؛ أدرك بواسطة العلوم الضروريّة العلوم الكسبيّة.
لذا، يتعيّن في ظلّ التعاليم الإسلاميّة على الأبوين التكليف في إعداد الطفل وتربيته وتعليمه منذ نشأته الأولى.
ومن الجانب الآخر، فإنّ الطفل ـ كإنسان ـ وهبه الله عز ّوجلّ العقل والذكاء، وخلق فيه ملكة التعلّم والاكتساب و التلقّي، فهو منذ أن يفتح عينيه على هذه الدنيا يبدأ عن طريق الحسّ بالتعلّم واكتساب السلوك والآداب والأخلاق، ومختلف العادات، وكيفيّة التعامل مع الآخرين.
فنجد أنّ محيط الأسرة وطريقة تعاملها وطرز تفكيرها، كلّ ذلك يؤثّر تأثيراً مباشراً وعميقاً في تكوين شخصيّة الطفل، ويتحدّد قالبها الذي سوف يتّخذه الطفل مستقبلاً، سواء كانت تلك العائلة سليمة ومؤمنة ومستقيمة وملتزمة بتعاليم الإسلام السامية ، فيخرج الطفل فرداً صالحاً وإنساناً طيّباً وسعيداً، أو كانت من العوائل المتحلّلة المنحطة، فتُخرج طفلها إلى المجتمع فرداً فاسداً مجرماً شقيّاً.
لذا جاء في الحديث النبويّ الشريف:
<< ما من مولود يولد إلاّ على هذه الفطرة، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه >>.
وقد أثبتت التجارب والدراسات العلميّة التي أجراها الباحثون والمحقّقون في مجال البحوث والتحقيقات التربويّة والنفسيّة؛ أن للتربية أثراً كبيراً ومباشراً في تكوين شخصيّة الفرد، وأثرها كذلك في المجتمع.
وقد تبيّن تطابق هذه البحوث والتحقيقات مع قواعد الرسالة الإسلاميّة المباركة وقوانينها التربويّة العلميّة، وجاءت هذه تأييداً ومصداقاً للتعاليم الإسلاميّة الحقّة في مجال التربية والتعليم؛ حيث تقول معظم الدراسات التي أجريت في العالمين الإسلاميّ والأوربي بأنّ الطفل في سنيّ عمره الأولى تتحدّد شخصيّته الإنسانيّة، وتُنمّى مواهبه الفرديّة، وتتكوّن لديه ردود فعل على الظواهر الخارجيّة، عن طريق احتكاكه بالمحيط الذي يعيش ويترعرع فيه، وتكتمل هذه الردود وتأخذ قالبها الثابت في حينه: ( من شبّ على شيء شاب عليه).
وقد أثبتت الأبحاث التربويّة كذلك أنّ تكوّن شخصيّة الطفل منذ صغر سنّه يؤثّر تأثيراً مباشراً قوّياً في نظرته إلى نفسه بالذات، ماعاش في هذه الحياة الدنيا، فإن لمس الرعاية والمحبّة والعاطفة السليمة والحنان والاهتمام والتقدير والتشجيع والمكافأة بين أفراد أسرته؛ أشرقت صورته في نفسه و تطيّبت، ونمت قدراته ومواهبه وإبداعاته و ابتكاراته، و أصبح يشعر بإشراقة مضيئة تشعّ من ذات شخصيّته فتؤهّله للقيام بدور فعّال في حياته العائليّة، ومن ثمّ المدرسية والمهنيّة فالاجتماعيّة.
لقد أثبتت هذه الدراسات و التجارب أن50% من ذكاء الأولاد البالغين السابعة عشرة من العمر؛ يتكوّن بين فترة الجنين وسنّه الرابعة، وأنّ 50% من المكتساب العلميّة لدى البالغين من العمر ثمانية عشر عاماً تتكوّن ابتداءً من سنّ التاسعة،وأنّ 33% من استعدادات الولد الذهنيّة والسلوكيّة والإقداميّة والعاطفيّة يمكن معرفتها في السن الثانية من عمره، وتتوضح أكثرفي السنّ الخامسة بنسبة50 %.
ودراسة أخرى تضيف على هذا، فتقول إنّ نوعيّة اللغة التي يخاطب الأهل أولادهم بها تؤثّر إلى حدّ كبير في فهم هؤلاء وتمييزهم لمعاني الثواب والعقاب، وللقيم السلوكيّة لديهم ولمفاهيمها، ودورهم [ في البيت والمجتمع ] وأخلاقيّتهم.
لذا، فإنّ الإسلام العظيم قد بدأ عنايته الفائقة بالطفل منذ لحظات ولادته الأولى، فدعا إلى تلقينه الشهادتين المقدّستين،وتعظيم الله عزّ وجلّ، والصلاة لذكره جلّ وعلا؛ لكي تبدأ شخصيّته بالتشكّل والتكوّن الإيمانيّ، والاستقامة السلوكيّة، والتعامل الصحيح ، ولكي تتثبّت القاعدة الفكريّة الصحيحة في عقله ونفسه. فقد روي عن الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عن جدّه الرسول الأكرم صلوات الله وسلامه عليهم أنه قال:
<< من وُلد له مولود فليؤذّن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة، وليُقم في أذنه اليسرى؛ فإن إقامتها عصمة من الشيطان الرجيم >>.ولعلّ أحقّ و أثبت دليل على تحديد مسؤوليّة الوالدين في مسألة تربية أولادهم، وأهميّة التربية في الإسلام هو قوله عزّوجلّ:
(( يا أيّها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة …)).
تأثير المحيط على تربية الأطفال:
إن البيئة والمحيط الذي يعيش فيهما الطفل لهما تأثيرعميق وفعّال في حياته وتكوّن شخصيّته، فالإنسان منذ نعومة أظفاره يتأثّر وينفعل بما يجري حوله من ممارسات، فهو يكتسب مزاجه وأخلاقه وممارساته و طرز تفكيره من ذلك المحيط أو تلك البيئة.
وقد تبيّن أنّ للوالدين ولسلوك العائلة، ووضعيّة الطفل فيها، دوراً كبيراً في تحديد شخصيّته و صقلها وبلورتها وتحديد معالمها، كما أن للمعلّم أيضاً وكذا الأصدقاء، والمجتمع ووسائله الفكريّة والإعلامّية، وعاداته وأسلوب حياته؛ أثر مباشر كبيرعلى سلوك الطفل وكيفيّة تفكيره، إلاّ أنّنا نلاحظ ـ انطلاقاً من فلسفة الإسلام العامّة، والتربويّة خاصّة ـ أنْ ليس لعالم الطفل الخارجي بمختلف مصادره، ومع شدّة تأثيره؛ القدرة كلّيّاً وبصورة قاطعة و إلى الأبد، في تحديد معالم شخصيّة الإنسان، ويؤطّر مواقفه، بل للإرادة الذاتيّة القويّة دور فعّال وبنّاء في تحديد سلوكه ومعتقده وممارساته؛ لأنّ الإنسان في ظلّ التعاليم الإسلاميّة الحقّة، ومعرفته لما فيه الخير والصلاح والسعادة له ولغيره، يعمل به، ومعرفته لما فيه الشرّ والفساد والشقاء له ولغيره، يتجنّبه؛ لوأنّه اعتقد والتزم بتعاليم الشريعة الإسلاميّة الخالدة، وعمل بعمل المعروف وانتهى عن فعل المنكر…
من هنا جاء التأكيد في التربية الإسلاميّة على القيم والأخلاق والمبادئ، كحقائق مستقلّة متعالية على تأثيرات الواقع؛ ليسلم هو بذلك، وليسلم المجتمع الذي يعيش فيه من انحرافاته وآثاره السلبيّة.
لذا، صار الاهتمام بتقويم الإرادة لدى الفرد بالغ الأهميّة؛ لما للإرادة من دور عظيم في حياة الأفراد والمجتمعات والأمم. فبالإرادة الذاتيّة المحصّنة من تأثيرات المحيط، والثابتة على القيم والمبادئ السامية على واقع العالم المحيط بالإنسان؛ ظهر القادة والمفكّرون والمصلحون الذين دعوا الناس إلى الثورة ضدّ الواقع المنحرف، لتغييره.
وهذا التقويم الواقعي السليم لمنطق التأريخ، الذي يعطي الإنسان قيمته الحقيقيّة في هذا العالم الرحب، ويضعه في محلّه المناسب له؛ هو بعينه تقويم التشريع الإسلاميّ للإنسان . وقد جاء صريحاً في القرآن الكريم:
(( بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره )) .
والرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول:
<< لا تكن إمّعة: تقول أنا مع الناس، إن أحسنوا أحسنت، وإن أساءوا أسأت؛ بل وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس تُحسنوا، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم >>.إ
ذن، نستنتج ممّا سبق أنّ للمحيط الطبيعي للفرد وللمحيط الاجتماعيّ
العام تأثيراً عميقاً على تكوين شخصيّة الطفل وتحديد سلوكه:
ـ المحيط الطبيعيّ:
وفيه أن القاعدة الأساسيّة في تربية الطفل تتوقّف على أساس من التفهّم والطمأنينة والاهتمام بالطبيعة، والعمل على إبعاد المخاوف عنه، وتوجيهه إلى مواطن السرور والأمان والطمأنينة في هذا العالم؛ لصيانته من ردود الفعل النفسيّة التي تؤلمه وتضرّ به، هذا من جهة، ومن جهة ثانية جعله يتوجّه نحو الطبيعة، و يستلهم منها معاني الحبّ والبهجة والجمال والأمن، ويتشوّق إلى البحث والمعرفة والاكتشاف.
قال عز ّوجلّ:
(( أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء )) .
ومن الواضح أنّ الطفل يتأثر بالمحيط وينفعل به، فيتساءل كثيراً عمّا يراه و يسمعه في هذا العالم ممّا يثير إعجابه و دهشته، ويلفت نظره، فصوت الرعد و وهج البرق و نباح الكلب و دويّ الريح وسعة البحر ووحشة الظلام، كلّها تثير مخاوفه، وتبعث في نفسه القلق والاضطراب والخوف، وتجعله ينظر إليها بحذر وتردّد، ويعدّها في عداد العدوّ والخطر، فيتطوّر عنده هذا الشعور، و يأخذ أشكالاً مختلفة، وتتطوّر هذه التحوّلات مع نموّ الطفل، فتترسّب حالات الخوف في اللاشعور، فتنمو شخصيّته على القلق و التردّد والاضطراب والخوف والجبن.
وكما أنّ لهذه الظواهر الطبيعيّة وأمثالها هذا الأثر السلبيّ الخطر في نفسيّة الطفل؛ فإنّ منها ماله تأثير كبير أيضاً وإيجابيّ نافع في نفسه، فنجده يفرح ويسرّ بمنظر الماء والمطر، وتمتلئ نفسه سروراً وارتياحاً بمشاهدة الحقول والحدائق الجميلة، ويأنس بسماع صوت الطيور، وترتاح نفسه باللعب بالماء والتراب والطين.
فيجب في كلتا الحالتين التعامل معه، وتدريبه على مواجهة ما يخاف منه، وكيفيّة معالجته، فنطمئنه، ونعوّده الثقة في نفسه والاعتماد عليها.
وممّا هو مهمّ جدّاً في دور التربية هو أن نجيب الطفل ـ بكل هدوء وبساطة وارتياح وحبّ ورحابة صدر ـ عن جميع تساؤلاته حول المطر و الشمس والقمر والنجوم والبحر والظلام وصوت الرعد و… الخ؛ بما يطمئنه و يريح نفسه؛ فننمّي بذلك فيه روح الإقدام وحبّ الاستطلاع، وحبّ الطبيعة وما فيها من خلق الله عزّوجلّ البديع العجيب.. لينشدّ إليها، ويعرف موقعه فيها، و يدرك عظمة خالقه ، ومواطن القدرة و الإبداع، و دوره فيها؛ فينشأ فرداً سليماً نافعاً ذا إرادة تجنّبه الانحراف وفعل الشرّ، وذا عزيمة على الإقدام على فعل الخير، ويتركّز في نفسه مفهوم علميّ وعقائديّ مهم بأنّ الطبيعة بما فيها هي من صنع الله عزّوجلّ أوّلاً، ثم أنّ الله سخّرها لخدمة الإنسان، فيتصرّف فيها ويستفيد منها، ويكيّف طاقاته ويستغلّها بما ينفعه وينفع الناس، وقد قال جلّ وعلا:
(( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً )) .
(( هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)) .
وهذا التسخير الإلهيّ ما هو إلاّ تمكين للإنسان من تكييف قوى الطبيعة واستثمارها لصالحه؛ وفق ما تقتضيه المفاهيم الإنسانيّة التي عالجها من خلال علاقته بالطبيعة، مثل مفاهيم الحبّ والخير والجمال والأمن والسلام والاحترام، وغيرها.
2_ـ_تأثير البيئة الاجتماعية:
إنّ للوسط الاجتماعي الذي يعيش الطفل فيه تأثيراً كبيراً في سلوكيّته وبناء شخصيّته، فسرعان ما يتطبّع ?طابع ذلك الوسط، ويكتسب صفاته ومقوّماته من عقائد ذلك الوسط وأعرافه وتقاليده وطريقة تفكيره، وما إلى ذلك.
والبيئة أو الوسط الاجتماعيّ الذي يعيش فيه الطفل يتمثّل بما يلي:
أ ـ الأسرة. ب ـ المجتمع. ج ـ المدرسة. د ـ الدولة.
سنذكر هنا فقط الاسرة و تأثيرها ,
أ ـ الأسرة:
هي المحيط الاجتماعيّ الأول الذي يفتح الطفل فيه عينيه على الحياة، فينمو ويترعرع في أوساطه، ويتأثّر بأخلاقه وسلوكيّاته، ويكتسب من صفاته وعاداته و تقاليده.
فالطفل يرى في أبوبه ـ وخصوصاّ والده ـ الكيان الأعظم، والوجود المقدّس، والصورة المثالّية، لكّل شيء. ولذا تكون علاقته معه علاقة تقدير وإعجاب وحبّ واحترام من جهة، ومن جهة أخرى علاقة مهابة وتصاغر، ولذا فهو يسعى دائماً إلى الاكتساب منه، وتقمّص شخصيّته، ومحاكاته وتقليده، والمحافظة على كسب رضاه.
في حين يرى في الأمّ مصدراً لإرضاء وإشباع نزعاته الوجدانيّة والنفسيّة، من حبّ وعطف وحنان وعناية ورعاية واهتمام؛ لهذا فإن شخصيّة الآمّ تؤثّر تأثيراً بالغاً في الطفل ونفسيّته وسلوكه ـ حاضراً ومستقبلاً.
لذا، فإنّ لأوضاع الأسرة وظروفها الاجتماعيّة والعقائديّة والأخلاقيّة والسلوكيّة والاقتصادية وغيرها؛ طابعها وآثارها الأساسيّة في تكوين شخصيّة الطفل ونموّ ذاته؛ فالطفل يتأثّر بكل ذلك، وهذا ينعكس على تفكيره وعواطفه ومشاعره وإحساساته ووجدانه وسلوكه، وجميع تصرّفاته.
فعلاقة الوالدين مع بعضهما، و كيفيّة تعامل أفراد الأسرة، من إخوة وأقارب فيما بينهم، يوحي إلى الطفل بنوعيّة السلوك الذي يسلكه في الحاضر والمستقبل، فهو ـ كما قيل ـ أشبه بالببغاء، يقلّد ما يرى وما يسمع ويحاكيه. وهو حينما يرى أن هذه العلاقة قائمة على الودّ والعطف والحنان والتقدير والاحترام والتعاون؛ فإنه يألف هذا السلوك، ويتأثّر به، فتكون علاقته بوالديه وإخوته وبقيّة أفراد أسرته والآخرين قائمة على هذا المنحى، وعندما يخرج إلى المجتمع فهو يبقى في تعامله معه على هذا الأساس أيضاً.
أمّا إذا كان يعيش ضمن أسرة متفكّكة منهارة، تقوم علاقاتها على الشجار والخلاف وعدم الاحترام والتعاون؛ فإنّه يبني علاقته بالآخرين على هذا الأساس، وينشأ معانياً من الجفوة والقسوة والانحلال والتفكّك وعدم الانسجام ، ويتكوّن لديه الشعور بالنقص، وربّما نشأ مريضاً نفسيّاً وانتقاميّا حقوداً على الجميع. وكم من هؤلاء ذكرهم لنا التاريخ، كانوا وبالاً على المجتمعات. وفي الوقت الحاضر لايخلو العالم من هذه النماذج الحقودة على الإنسانيّة، الخطرة على مجتمعها، ممّن يندى جبين العفّة والشرف عند الاطّلاع على ماضيهم الدنيء وحاضرهم القبيح.
والإسلام الحنيف يولي أهميّة فائقة للطفل، ويركّز على تربيته التربية الصالحة المفيدة. فقد ورد عن النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله و سّلم:
<< أحبّوا الصبيان وارحموهم >>.
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم، أيضاً ، ليهوديّ:
<< أمّا لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان >>.
فقال اليهوديّ: إنّي أؤمن بالله ورسوله، فأسلم.
وقال الإمام أبو عبد الله الصادق صلوات الله وسلامه عليه، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم:
<< من قبّل ولده كتب الله عز ّوجلّ له حسنة، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة>>.
هنا لا بد أن يظهر دور الأبوين جلياً في التربية ، فلا بد أن تكون التربية صحيحة حتى نهايتها و ذلك بمتابعة من قبلهما حتى لا تحيد التربية القوية عن مسارها يوماً بفعل ما حولها من مدمرات ، فعليكما أيها الأب الفاضل وأيتها الأم الفاضلة المراقبة الدائمة للأبناء ، و هناك أمور لا بد منها في التربية و هي عدم التسرع في إصدار الحكم على أبنائكم ، بل ضعوا أنفسكم في مكانهم، و أنتم أقدر على ذلك لأنكم مررت بنفس مرحلتهم الطفولية ، و قراراكم حينئذ سيكون صائباً لا ظلم فيه لشخصه .
ولا تنسَ أيها الأب... وأنتِ أيضا أيتها الأم.. أن تعودا أبنائكم وبناتكم على تحمل المسؤولية ، و ألا يعتمدوا عليكما في كل شيء ، فأنتما لن تظلا دوماً بقربهم فاليوم بينهم و غداً الله يعلم أين ستكونان ، و مستقبلاً تحمل المسؤولية يساعدهم على التقدم والرقي في حياتهم .
مجمع من بعض المواقع التربوية
a_a_m_h_bعضو نشيط - عدد الرسائل : 249
تاريخ التسجيل : 16/11/2006
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى